وزارة الصناعة اللبنانية تفرض إجراءات لدعم وحماية المفروشات الوطنية

النقيب عبد الله حرب "هذا القطاع يحتاج "إغاثة" و"منجرة" أرضيّة لخبرات جديدة

Author : Joudy Al Asmar
Source : Joudy Al Asmar
Publication Date : 17/06/2019

صوت ماكينات النشارة يمتزج برفرفة الحمام الّذي يغطّ ثم يطير بالقرب من الباب الذي توصلك اليه بضع درجات تتجه تحت الأرض الى ورشة نقيب أصحاب الصناعات الخشبية والحرفية والمفروشات عبد الله حرب في منطقة الزاهريّة. إلّا أنّ هذه الأصوات التي تبشّر بحركة صناعية، كثيرٌ منها كُتِم بفعل الوهن الّذي أصاب قطاع المفروشات في مدينة تحتضن 73% من نسبة التوزيع الجغرافي لصناعة المفروشات في الشمال، بحسب دراسة ميدانية أقامتها عام 2018 غرفة التجارة والصناعة والزراعة/ BIAT تحت إشراف الخبير بسام صافي، ولحظت تضرر 300,000 نسمة من أبنائها بين عمّال، وملتزمين ثانويين، وأرباب عمل، وتجار مواد أولية وعائلاتهم، بعدما كان القطاع في عهده الذهبيّ يكوّن 60% من إقتصاد طرابلس.

طرابلس: صناعيون تعاونوا لسدّ حاجات السوق

مؤشرات واضحة عن نهضة قطاع المفروشات في مرحلة السبعينيات وحتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، يستعيدها النقيب حرب منذ ممارسته حرفة صناعة المفروشات منذ سنة 1972 "منطقة الزاهرية كانت تستفيد من العقارات المستأجرة لتنشَأ المناشر والورش. يستفيد من المردود المادي المالك والصناعي على حد سواء. والصناعي الذي يجد محلًا شاغرًا يكون حظه وافرًا".

كانت الورشة تضم 40 عاملًا "أي تؤمن مدخولًا ل40 عائلة"، يضيف حرب، مشيرًا الى أن 20% من المنتوجات كانت تُصدّر الى الخارج، بالاخص الى بلدان الخليج وأوستراليا. وكانت طرابلس مقصدًا لكلّ اللبنانيين، يشترون المفروشات الجاهزة أو على الطلب، ولكلّ منطقة ذوقها الخاص "أهالي الجنوب يفضّلون حفر لويس 15، في بيروت يطلبون الحفر الناعم لويس 16، زبائن جونية يميلون للمودرن"، وكان الزبون متأكدًا أنّه سيجد طلبه في المنطقة "كان ثمّة تكافؤ وتكامل شبه ضمني بيننا. كلّ من الحرفيين يتخصص في صنع خمسة موديلات. إن لم يجد الزبون ما يريد لدي يجده لدى جاري"، بحيث لم تكن التنافسية تملي التعدي على مصلحة الجار، بل بلغت الكثافة الانتاجية حدًّا جعل الحرفيون يتعاونون في تلبية طلبات السوق، الى أن أصاب المدينة عمومًا، والقطاع خصوصًا، ما يسميه عبد الله حرب بالتفقير "من يمشي الآن في المنطقة يجد بين 20 باب مغلق، بابًا واحدًا مفتوحًا". مضيفًا أن ورشته ما عادت تحتضن اليوم سوى عمالًا موسميين، يتقاضون أجرهم على الطلب.

المفروشات تستباح عام 1997

"لا أرى أنّ قطاع المفروشات بذاته يحمل نقاط ضعف. لقد تقهقر بفعل معطيات خارجية معاكسة"، يقول النقيب حرب، مضمّنًا في وجهة نظره الاعفاء الجمركي الّذي أقرّ بمرسوم عام 1997، حلّ كارثة على الصناعة اللبنانية التي أصبحت مستباحة لغزو السوق الخارجية المعفاة من الرسوم "المفروشات المصرية لا تستوجب أية رسوم. اليد العاملة المصرية أرخص بأشواط من اليد العاملة اللبنانية ويتناسب أجرها مع مستوى المعيشة بمصر"، يستطرد عبد الله حرب، ملاحظّا تفشّي ما يعتبره "ظاهرة" السياح اللبنانيين في مصر الّذين يعودون الى لبنان محملين بالأثاث الرخيص والمتحرر من الضرائب. بينما في مصر، تدعم الدولة ما يناهز 17% من قطاع المفروشات الذي يستقطب تحفيزات وطنية دائمة.

مبشرات وزارة الصناعة: ضبط التهريب وفرض الرسوم والجودة

إزاء هذا التدهور المطّرد منذ أكثر من عقدين، هل تركت الدولة اللبنانية فعلًا مفروشات طرابلس في مهبّ الريح؟ ثمّة مؤشرات إيجابية ينقلها لنا النقابيّ حرب، تمخّضت عن نشاط مطلبي خاضه على صعيد رئاسة الجمهورية أبدى فيه الرئيس تأييدًا لحرفيي طرابلس، ثم لقاء مثمر، الشهر الماضي، مع وزير الصناعة اللبنانية وائل أبو فاعور الّذي يكشف عن تمسّكه، في الصناعة كما في الصحة سابقًا، بإرساء معايير جودة وإخضاع الصناعة لها، من حيث "المطابقة" للمعايير أو غياب المطابقة.

في التفاصيل، كان الوزير أبو فاعور قد أصدر في أيار الماضي قرارًا يقضي ب"تسجيل المصانع الأجنبية المؤهلة لتصدير منتجاتها الى الجمهورية اللبنانية". بموجب هذا القرار، يتعيّن أن يطبّق المصنع الأجنبي نظام رقابة الجودة، صادرة عن جهة معترف بها من الاتحاد الدولي للاعتماد، أو المنتدى الدولي للاعتماد، أو من جهات حكومية لبنانية للاعتماد، أو صادرة عن معهد البحوث الصناعية اللبناني. هذا التدبير يكفل الى حدّ كبير الحدّ من الدخول العشوائي وغير المنضبط للمفروشات وعدد من المنتوجات الاجنبية، إلا إذا كانت من انتاج المصانع المسجلة.

وأحد الاجراءات الداعمة تمثّل في وضع رسوم مقطوعة بنسبة 2% على كل المستوردات، بما يساهم في تحفيز الانتاج الوطني. وتأتي هذه الخطوة لتحقق على المدى المنتظر توازنًا لصالح الميزان التجاري الذي يسجّل اليوم عجزًا كبيرًا "مع 22 مليار من المفروشات المستوردة و2 مليار فقط من البضائع المصدرة"، حسب النقيب حرب، وهي أرقام واقعية لم تدخلها "شوائب" التهريب الجمركي الذي يتملص من الضرائب.

عن "منجرة": إدارة شفافة ل BIAT

حيث أنّ عملية الانماء تستند الى شراكة ثلاثية بين الجهة المانحة والقطاع الخاص والدولة، يرى عبد الله حرب أنّ مشروع "منجرة"  سلك في مرحلته السابقة "سكة" إيجابية تمثلت  بالادارة المهنية والشفافة من قبل حاضنة الاعمال في غرفة طرابلس ولبنان الشمالي BIAT، وإعدادها ليدٍ عاملة متدربة في مختلف مجالات قطاع المفروشات. فتكون BIAT، من هذه الناحية، "حاضنة" عملية لطاقات شابّة في طرابلس، ستنهض بمحاولة المشروع لتلطيف "شيخوخة" هذا القطاع الذي هجره المهنيون الشباب منذ عشرين عامًا، ويتهدده الاندثار.

 يقدم مشروع "منجرة" الكثير من فرص الدعم:

-         إنشاء وحدة رصد من أجل جمع البيانات على نحو مستمر بشأن الأسواق والاتجاهات وأصحاب المصلحة

-         تقديم التدريبات التقنية والإدارية للمستفيدين

-         تعزيز الترويج والتسويق لإنتاج الأثاث

-         الحصول على التمويل، وغيرها من فرص الدعم.

النقيب عبد الله حرب "هذا القطاع يحتاج "إغاثة" و"منجرة" أرضيّة لخبرات جديدة