نقيب مصممي الديكور في الشمال "خالد الحلبي": قطاع المفروشات في طرابلس يُحتضر والكفاءات الشابة هي المنقذ

Author : Joudy Al Asmar
Source : Joudy Al Asmar
Publication Date : 18/06/2019

عوامل معيقة... من الداخل والخارج

المفروشات "قطاع يموت". قد تلخّص هذه النظرة تقييم خالد الحلبي للمفروشات في طرابلس. نظرة سوداوية في الظاهر، ولكن استنادها الى معطيات واقعية سيبرّرها الى حدّ بعيد. " بعد خمسين سنة لا وجود للمنجّدين ولا لصانعي المفروشات في الشمال. ولن يستلم أحد هذه المصلحة من بعدهم. الأمر محزن جدًا" يتوقّع الحلبي، على ضوء ابتعاد أبناء "معلّمي" هذه الحرفة الطرابلسية عن خطى آبائهم، بعدما رؤوا الخسائر المادية والمعنوية الّتي تكبّدها أرباب عائلاتهم، ففضّلوا أن لا يعيشوا الخيبة نفسها. هذا الواقع يدق ناقوس الخطر حول استمرارية صناعة المفروشات في "مدينة المفروشات". واحدى أبرز نقاط الضعف الداخلية، المرتبطة بكهولة هذا القطاع، يجدها الحلبي في الافتقار للتجديد التقني وإدخال أساليب جديدة في التصاميم والصناعات، "المخضرمون وأصحاب المهارات المعمّرة يؤمنون أنهم قدّموا لهذه الحرفة ما لديهم، وقابليتهم لإدماج أنماط جديدة باتت ضئيلة جدًا" يقول الحلبي، مؤطّرًا صناعة المفروشات ضمن حواجز عمريّة قاصرة عن الالتحاق بالتطور الجامح لهذه الصناعة وتباين أذواق المستهلكين وتمايز وتميّز انتظاراتهم من المنتَج الجديد، وهنا تمثل ثغرة "مبدأية" في التعاطي مع هذه الصناعة.

من جانب آخر، تتهدّد صناعة المفروشات عوامل خارجية، يفنّدها خالد الحلبي بمنافسة اليد العاملة الأجنبية التي يعتبرها "ظلم" حلّ في كل القطاعات. وتترافق هذه الرخاوة باستقطاب العمال الأجانب مع استقطاب البضائع الاجنبية المنافسة "لا يترتب على المفروشات المصرية أية رسوم جمركية. أما الأثاث المستورد من باقي البلدان، كتايلاند وماليزيا، تفرض عليه رسوم رمزية" يورد هذه الأمثلة، ليعمّمها في سياق أكثر شمولية، فأضرار عدم حماية الصناعة الوطنية للمفروشات تنسحب على مجالات مرتبطة، وليس على تجار المفروشات وحدهم "حين نشتري من التجار المحليين، يستفيد النجار، وعمّال الورشة، والدهان، والمنجّد، وبائع الخشب، وبائع القماش والأكسسوار. حلقة إقتصادية متكاملة كانت ستنتعش لولا هذه القوانين المجحفة لكنها تعطلت". كنقابة، لم تصبّ المساعي المطلبية في هذا المضمار، حسب الحلبي، الذي أشار الى أنّ نقيب الصناعة الخشبية والمفروشات الحرفية عبد الله حرب يتابع هذه النقطة مع وزارة الصناعة والجهات الرسمية المعنيّة. إلّا أنّ نقابة مصممي الديكور نصبت في أولوياتها حماية العاملين فيه، ففرضت تنظيم العقود بين المورد والمستهلك، لتطبق معاييرها على جميع العاملين في الديكور، من النقابة وخارجها، تحت طائلة الملاحقة القانونية. الغاية من هذا التدبير تصبّ في حماية الزبون، الّذي تُحفظ معايير ومواصفات طلبه ضمن هذا العقد، كما تنتظم آلية الدفع من قبل المستهلك، بحيث يميل بعض العاملين في المصلحة الى تقبّل أسعار منخفضة، أو التغاضي عن جني الدفعة الأخيرة، ما يضرّ بمصلحة زملائه الملتزمين بالتسعيرة التي تتجاوز عادة المبلغ الذي قنع به.

"منجرة" يعدّ كفاءات شابّة تطيل عمر القطاع

وأمام المكوّنات المتكاملة التي تحملها فكرة "منجرة"، باتجاه دعم قطاع المفروشات في طرابلس والشمال، يعتبر النقيب الحلبي في مفهومه، "منجرة" مشروع نموذجي، ومؤهل لنجاحات كبيرة، وأجزم منذ انخراطنا بالمشروع أن حاضنة الأعمال BIAT وفريق عملها تبنّت هذا المشروع بكل إخلاص كأنّه طفل لها"، مضيفًا الفائدة المهمة التي جناها الشباب المتدربون على المكنات، لا سيما مصممو الديكور، "بالنتيجة، تثقف الجيل الجديد حول هذه الحرفة ودعّم خبراته بخلفية عصرية" يضيف، الأمر الّذي يردّ على أحد هواجسه الكبرى في رفد القطاع بمهارات شابة تزاوج في مساهماتها الكفاءة المحلية والعصرية التي تنفتح على آخر التوجهات في تكنولوجيا المفروشات وموضتها.

ويشير خالد الحلبي الى مساهمة النقابة من خلال طاقاتها الشابة في إقامة المسح والانخراط ميدانيًا لرصد الواقع واجتثاث القطب المخفية الّتي يتعيّن أن تعالجها المشاريع التنموية إن أرادت أن تدلف فعلًا الى صلب المشكلة.

بحلول الشهر المقبل تدخل "نقابة مصممي الديكور في الشمال" سنتها الثانية. في سياق لقائنا بمؤسسها النقيب خالد الحلبي، يتّضح أنّ عمر هذه النقابة الغضّ يتزامن مع بروز مشاريع تنموية لقطاع الديكور وللقطاعات الداعمة في طرابلس من ضمنها مشروع "منجرة" الذي يعتبره النقيب الشاب مثريًا الى حد بعيد، بفضل مكوّنه التدريبي الّذي أعطى حقنة "كولاجين" لمجال اقتصادي يترهّل.